ما احتمالية استرجاع الخلايا الوظيفية إلى خلايا جذعية مرة أخرى؟
• ما احتمالية استرجاع الخلايا الوظيفية إلى خلايا جذعية مرة أخرى؟
بعد تَخصِيب البويضة، يتكون الزَّيجُوت وهو عبارة عن خلايا تتكاثر وتنقسم، لكنها في ذلك الوقت تُعرَفُ بِكَونِها خلايا غير مُتَمايِزةٍ «undifferentiated cells» بمعنى أن كل الخلايا تُشبِهُ بَعضَها، فلا نجدُ تَمايُزًا، مثلًا إلى خلايا شعرٍ وخلايا جلدٍ وخلايا عضلاتٍ... إلخ. تسمى وتعرف هذه بالخلايا الجذعية «stem cells»، أما عمليةُ تَمايُزِ الخلايا «cell differentiation» فكان يُعتقد إلى وقتٍ قريبٍ جِدًا أنها عمليةٌ غيرُ معكوسة، بمعنى أنه كان هناك اعتقادٌ سائد، بأن خلية القلب بعد تَمايُزِها لا يُمكن أن ترجع إلى خليةٍ غيرِ مُتَمايِزة، وهنا سؤالٌ يَطرحُ نفسه ما الفرق بين الخلايا المتمايزة والغير متمايزة (الخلايا الجذعية)؟
يَكمُنُ الفرق في «الحمض النووي - DNA» للخلايا، بمعنى أن الخلايا الجذعية يكون الـحمض النووي الخاص بها في حالته الأصلية لم يأخذ شَكلًا مُعيَّنًا من حيث التعبير عن نفسه فلا توجد جينات تعمل وأخرى لا تعمل بحكم وظيفة الخلية، بل أن كل الجينات في وضعٍ جاهزٍ مستعدٍ للعمل، عندما تأخذ الأمر بالتَّمايز؛ تبدأ في تثبيط الجينات التي ليس لها دورٌ في هذا النوع من الخلايا الـمُتَمايِزَة لها، فمثلًا إذا تَمايَزَت إلى خلايا كبدٍ تقوم بتثبيط كل الجينات فيما عدا التي لها علاقةٌ بوظيفة الكبد، وهكذا. ثم لاحظ بعض العلماء وجودَ عددٍ مُعيَّنٍ من الجينات يكونُ نشطًا في الخلايا الجذعية دون الخلايا الـمُتَمايِزَة، فَبِمُجَرَّد رجوع 4 جينات وتَنشِيطِها في الخلايا المتمايزة تُحَوَّل كأنها خلايا جذعية مرةً أخرى، فتُعِيدُ الجينات هيكلة الـ«DNA» للخلية المتمايزة؛ مما يؤدي إلى رفع نسبة التثبيط للحظة التي كانت عليها الخلية قبل التمايز، فتتحول إلى خلايا جذعية (غير متمايزة)، تسمى الخلايا الجذعية متعددة القدرات الـمُستحثَّة أو الـمُحَـفَّزة «iPS Cells» وهي اختصار لـ«Induced Pluripotent Stem Cells»، وفي عام 2012م فاز العلماء بجائزة نوبل في الطب لهذا الاكتشاف العبقري.
في عام 2014م أعلنت مجموعة من العلماء بقيادة الباحث «هاروكو أوبوكاتا - Haruko Obokata» عن قُدرَتِهم على استرجاع الخلايا المتمايزة إلى خلايا جذعية مرة أخرى عن طريق الضغط على الخلايا «stressing cells» بمعنى وضع الخلايا تحت ضغط فيزيائي، مثل وضعهم تحت درجة حرارة عالية مثلًا، فمن الطبيعي عندما توضع الخلايا تحت الضغط أن تبدأ في التأقلم على الوضع الجديد؛ حتى تحافظ على حياتها فهؤلاء العلماء قالوا إنه من الممكن أن يحدث هذا التحول فقط عن طريق الضغط، ولا حاجة لنقل الجينات وتنشيطها. الخلايا الناتجة من هذه العملية تسمى «STAP cells» اختصارًا لـ«Stimulus-triggered acquisition of pluripotency»، ونشر البحث العلمي في مجلة «Nature» بتاريخ 29 يناير 2014م لكن وللأسف بعد اختبار النتائج المنشورة، اتَّضَح أن الباحث «هاروكو أوبوكاتا» وفريقها قد تلاعبوا بالنَّتائِج حتى تخرج بالشكل الذي يريدون، وكانت فضيحة؛ فسحبوا ادعاءاتهم وأبحاثهم. وما زال العلماء والباحثون يعملون على الخلايا الجذعية الـمُستحثَّة أو الـمُحَـفَّزة «iPS Cells»، على أملٍ أن يجدوا طُرقًا أكتر للتحكم في الخلايا الـمُتَمايِزَة وإعادتها لخلايا جذعية (غير متمايزة).
ترجمة: أحمد مسعد | تدقيق: خديجة أحمد | إعداد: عمر عادل