لماذا الخوف من الأطعمة المُهندسة وراثيًا؟!
تعتبر الكائنات المعدّلة وراثيًا موضوع جدلي شائك بين القبول والرفض؛ حيثُ هناك من يتقبل وجودها في الأسواق كأطعمة أو ما إلى ذلك، وهناك من يرفض تمامًا التعامل معها أو استخدامها، فهل يشكّل استخدام هذه الكائنات مصدر خطر حقيقي؟ لنرى. ففي الوقت الذي يؤمن فيه عدد كبير من الناس بضرر وسُميّة وتدمير هذه الكائنات للبيئة، كشف العلم الستار الحقيقي لهذه الكائنات وأثبت أنها صالحة للأكل، آمنة، مفيدة للبيئة؛ حيث أنّها تساعد في استدامة الزراعة. فمن أين أتى هذا التناقض؟
بدايةً، تعتبر الـ«GMOs» كائنات حيّة حدث تعديل لمادتها الوراثية «DNA» بطريقة غير طبيعية، حيث تسمى هذه التقنية بالهندسة الوراثية، هذا وتسمح الهندسة الوراثية بنقل الجينات المرغوبة من كائن حي إلى آخر، ما بين الكائنات المختلفة في الأصول. اعترض العلماء في الفترة الأخيرة على الصورة النمطية الخاطئة لدى الناس عن هذه الكائنات، والتي بدورها تؤثر على مشاعرهم وتبقى ثابتة في أذهانهم، فانتشر بحث تحدثوا به عن الـ«DNA» وقالوا أنّه جوهر الكائن المسؤول عن هويته وسلوكه، وبينّوا أنّ مجرد انتقال الجين من كائن لآخر لا يعني أنّ الكائن المكتسب لهذا الجين سيكون شكله وصفاته مشابهة أو مطابقة للكائن الذي أحتوى الجين في الأساس.
من خلال البحث، تبيّن أنّ مما يجعل الناس تفكر بهذا الشكل هو مبدئ يُدعى بالـ«الجوهرية- essence»؛ لأنّ الناس تفكر من منظور شكلي. لا اعتراض على التعديل الوراثي الذي يحصل بين كائنات من نفس النوع، لكنّ المصيبة عند التعديل بين نوعين مختلفين. وتستغل المنظمات المعارضة مثل بعض المنظمات المجتمعية الغير هادفة للربح هذه النقطة لتوهم الناس أنّ هنالك شركات تعدّل حبوب الذرة بجينات لها صلة بالعقرب كي تصبح أكثر قرمشة! بالإضافة لاعتبار الناس أنّ الطبيعة كيان مقدّس وليس من حق أحد أن يتدخل به ويغيّر من خصائصه، ويعتبرون أنّ التعديل الوراثي أمر غير طبيعي وأنّ من يقوم به يدمر الطبيعة. وآخر أسباب الرفض هي الاشمئزاز، حيث تكون ردة الفعل هي القرف عند علم الناس بأنّ التعديل جرى على الـ«DNA» الخاص بالفأر أو الصرصور مثلًا، بالرغم من أنّ الحمض النووي شيئ ثابت مهما كان مصدره. كما أنّهم يربطون الموضوع بأمراض كالسرطان لضمان عدم التقبل التام لهذه التعديلات، بالرغم من أنّ هذه الأمراض لا وجود لها بهذا الإطار.
في النهاية، يؤكد العلماء أنّ الكائنات المعدلة وراثيًا لها إنجازات مهمة جدًا في مجالات العلم، وآمنة على الصحة، لكن ما دامت العقول ترفض التفكير بها غير بهذه الأشكال، فالحل الوحيد هو معرفة إنجازاتها والترويج لها وتغيير هذه الأفكار المغلوطة عنها.
ترجمة: أسماء سعيد | تدقيق: هبة مطاوع | إعداد: وردة قطوس